الركيزة الرابعة والأخيرة من عملنا هي إعادة تخيل التحوّل. في البداية جاءت هذه الركيزة استجابةلجمود العملية السياسية ومبادرات السلام في سوريا. إلا أن سقوط الأسد جعل جهود إعادة التخيل أكثر أهمية وإلحاحًا من أي وقت مضى.
باعتقادنا، أمام الشعب السوري اليوم بوابة للعدالة والتعافي من الخسارات التاريخية والآلام التي لحقت به، بوابة يمكن من خلالها معالجة اختلالات موازين القوى و الأسباب الجذرية التي أسهمت في إنتاج هذا الظلم وتعميقه.
لقد استغلّ النظام السوري، وغيره من الأطراف، البنى الذكورية، والطبقية، والثقافية، والسياسية الموجودة، وعمّقها بل وخلق بنى جديدة. لذلك، فإن إزالة الحاكم وحده أو تغيير النظام السياسي لا تكفي للقضاء على جذور التمييز والهشاشة. نحن في بدائل، نؤمن بعمق أن إنهاء الظلم في سوريا يتطلب إعادة تخيل جذرية لكيفية رؤية السوريين/ات لأنفسهم/ن، وتعريفهم/ن لمجتمعهم/ن، ونظام حكمهم/ن، وكيفية تحويل التنوع والاختلاف إلى أساس للسلام والازدهار.
لقد جرّدت عقود من الاستبداد السوريين/ات من قدرة أساسية على التحرر: الخيال. لذلك، بدأنا في عام 2022 مشروعًا تجريبيًا تحت هذه الركيزة، بعنوان ” حياكة الفعل السياسي النسوي ” مخصصاً لإعادة التفكير في مسارات السلام والأطر السياسية، والعمل النسوي. ويعتمد المشروع على الخيال كأداة سياسية قوية لاستمرار النضال بطرق نقدية ومبتكرة.
وعلى عكس ما قد يوحي به الاسم، فإن “إعادة التخيل” ليس مساحة تأمل فقط، بل هي” فضاء للفعل” . لعقود قاربنا تطوير الحلول في إطار الممكن التي تفرضه عقبات الأمر الواقع أما اليوم فنحن نوسّع أفق الممكن، ونُصيغ رؤى ومقاربات وحلول صالحة للمستقبل، وحرة من هيمنة الأنظمة القمعية والسرديات المسيطرة.
تمر دورة العمل في هذه الركيزة بثلاث مراحل: تبدأ بمنتدى، ثم ورقة تعلم أو ورقة سياساتية ثم مساحات تفكير مشتركة (محلية وعالمية). في حقبة ما بعد الأسد وفي بيئة معادية للنساء والتعددية، نحن أحوج ما نكون إلى”ميدان” جديد لإعادة تخيل مجالات بناء الدولة، والعدالة، والسلام، والتعافي، والسياسة الخارجية والاقتصاد .