بيان بمناسبة الذكرى السنوية العاشرة لليوم الذي خرج فيه الشعب السوري الى الشوارع للمطالبة بحقوقه
صادف الخامس عشر من آذار / مارس هذا العام الذكرى السنوية العاشرة لليوم الذي خرج فيه الشعب السوري الى الشوارع للمطالبة بحقوقه والدعوة الى وضع حد لعقود من القمع على يد نظام الأسد. ألا أن النتائج كانت مؤلمة جداً. خلال الأعوام العشرة الماضية، تعرض السوريون لسنوات طويلة من الحصارات، والاعتقالات التعسفية والتعذيب، والنزوح الجماعي، وقتل مئات الألف منهم نتيجة القصف الجوي العشوائي والجائر. بالتالي، أجبر الملايين على الفرار هربا من عنف الحرب والتهديدات التي تطال حياتهم وحرياتهم على يد الأجهزة الأمنية السورية وحلفائها والجهات الأخرى غير التابعة للدولة. لجأ الكثيرون إلى البلدان المجاورة وأوروبا بحثاً عن ملاذ يضمن حقوقهم في العيش الآمن وحقوق الإنسان على أمل توفير الأمان لأنفسهم ولذويهم. لكن الدنمارك تهدد الآن بصيص الأمل هذا تحقق الذي بعد عناء كبير.
تتركز المعارك العسكرية في سوريا بالدرجة الأولى، ما يدفع البعض إلى التأكيد على أن عودة الفارين أصبحت آمنة تماماً. ولكن هذه الفرضية بعيدة كل البعد عن الحقيقة لأن الامور ما زالت الأمور على حالها، يسيطر بشار الأسد ونظامه الاستبدادي الآن على معظم مناطق البلاد، وما زال يستخدم أسلوب القوة والتخويف لممارسة سلطة المطلقة على الحكومة والشعب. فكل اللاجئين والنازحين من سوريا، وحتى المواطنون العاديون، يصنفون من قبل النظام ضمن خانة “الإرهابيين” ولديهم بالتالي مخاوف مبررة من الملاحقة إذا عادوا. وقد أكد النظام هذه المخاوف علناً، بدليل التصريح الذي أدلى به عصام زهر الدين في تشرين الأول/أكتوبر 2017، وهو كان قائداً كبيراً في الجيش السوري آنذاك : -الى – هرب ومن فر من سوريا الى بلد اخر، أتوسل اليك الأ تعود.-حتى- إذا سامحتك الدولة، فنحن عهداً لن ننسى ولن نسامح. نصيحة لي منكم لا تعودوا ابداً.
تعترف حكومات أجنبية عديدة بهذه الحقائق. في الأشهر القليلة الماضية، على سبيل المثال، اتخذت الحكومتان الهولندية والكندية مواقف حازمة ضد انتهاكات حقوق الانسان المستمرة في سوريا. وفي أيلول/سبتمبر 2020 , اعلنت الحكومة الهولندية أنها تسعى الى محاسبة سوريا بموجب قانون الدولي عن ” الانتهاكات الجسيمة لحقوق الانسان ” ضمن ألية قد تؤدي في نهاية المطاف الى رفع دعوى أمام محكمة لدى الأمم المتحدة. كذلك أعلن وزير الخارجية الكندي هذا الشهر أن كندا طلبت أجراء مفاوضات رسمية، بموجب اتفاقية الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب، لمحاسبة سوريا على انتهاكات حقوق الانسان التي لا تعد ولا تحصى والتي ارتكبت بحق الشعب السوري منذ العام 2011.
تقر هذه المبادرات بالخوف المستمر الذي يعيشه السوريون يومياً خشية التعرض للتوقيف والاعتقال والتعذيب، على غرار المصير الذي آل اليه 100,000 سوري على مدار 10 سنوات من النزاع.
ولكن، في تناقض صارخ، منذ العام 2019 , أعلنت الدنمارك أنه هناك اجزاء من سوريا باتت ” أمنة ” وباشرت مؤخراً بحملة سافرة لإلغاء أو رفض تمديد تصاريح الاقامة الموقتة الممنوحة للسوريين الذين اعتبروا أنهم فروا فقط بسبب العنف العام السائد (القسم 7.3 من القانون الدنماركي المعني بالأجانب) وليس استنادًا الى خطر فردي ناجم عن عقوبة الاعدام او التعذيب أو غيره من ضروب المعاملة الإنسانية .
1 تم توثيق الانتهاكات توثيقاً شاملاً من قبل لجنة التحقيق الدولية المستقلة المعنية بالجمهورية العربية السورية والألية الدولية المحايدة المستقلة للمساعدة في التحقيق والملاحقة القضائية للأشخاص المسؤولين عن الجرائم الأشد خطورة وفق تصنيف القانون الدولي المرتكبة في الجمهورية العربية السورية منذ أذار/مارس 2011.
أو المهينة عند العودة (القسم 7.3 من القانون الدنماركي المعني بالأجانب). وفي الشهر الماضي، رفضت الطلبات المقدمة لحوالي 189 سوريا وجدوا الملاذ هناك بعد أن اعتقدوا أنهم استقروا وأمنوا مستقبلهم. وثمة حوالي 500 سوري أخر في الدنمارك ينتظرون مصيراً مشابهًا.
على الرغم من أن الدنمارك لا تستطيع ترحيل الافراد الذين يرفضون العودة، ولكن يمكن اجبار الاشخاص الذين فقدو اقامتهم الموقتة على المكوث فيما يسمى بمراكز العودة، منفصلين عن ذويهم، ومن الممكن أن يخسروا مخصصاتهم النقدية ” إذا لم يتعاونوا عند مغادرتهم “.
يشكل قرار الدنمارك سابقةً خطيرة للبلدان الاخرى التي تستضيف اللاجئين. فهذه الظاهرة تهدد بالإطاحة بركن من أركان الحماية الدولية للاجئين: مبدأ عدم الاعادة القسرية، الذي يضمن عدم الاعادة القسرية، الذي يضمن عدم اعادة اي شخص الى بلد قد يواجه فيه التعذيب، او معاملة، او العقوبة القاسية، او اللاإنسانية، او المهينة، أو اي ضرر أخرى لا يمكن جبرها. ولإخفاء ما تفعله، تدعي الحكومة الدنماركية انها لا تنتهك التزامها بعدم الاعادة القسرية وتطلب فقط من السوريين الذين لم يتم تجديد وثائقهم أن يعودوا طوعا الى سوريا والا ينقلون الى مخيمات الترحيل. ويأتي ذلك من بلد كان من الدول الست والعشرين الاساسي التي صاغت اتفاقية اللاجئين في العام 1951 حيث شغل مواطنها السيد كنود لارسن منصب رئيس المؤتمر.
لا يخفى على أحد انه لا يوجد مكان في سوريا يمكن اعتباره مكانا امنا بغض النظر عن القوى المسيطرة عليه، وبالتالي فليس من المنطقي أو الاخلاقي العمل على ارجاع السوريين الى اي منطقة في سوريا فضلا عن مناطق نظام الاسد. وعليه، نناشد الحكومة الدنماركية، والمجتمع الدولي، وجميع البلدان التي تستضيف اللاجئين، أن تنظر في واجبها الانساني تجاه شعب سبق أن عانى الكثير خلال السنوات العشر الماضية ويسعى جاهدا لتوفير الأمن والأمان لعائلاته.
الموقعون على مشروع “جسور الحقيقة “:
المركز الدولي للعدالة الانتقالية
مركز المجتمع المدني والديمقراطية
مؤسسة بدائل
اليوم التالي لدعم الانتقال الديمقراطي في سوريا
النساء الآن من اجل التنمية
دولتي
المعهد السوري للعدالة
مركز توثيق الانتهاكات في سوريا
محامون وأطباء من أجل حقوق الانسان
مشروع جسور الحقيقة هو نتاج الجهود المشتركة لتسع من منظمات المجتمع المدني التي تعمل في شراكة معا منذ أربع سنوات. هذا هو المشروع الرئيسي الثاني للمجموعة وواحد من عدة منتجات ومبادرات تهدف الى رفع مستوى الوعي حول محنة الضحايا السوريين، والعمل الملهم لتعزيز حقوقهم، والعدالة الشاملة للجرائم التي مروا بها. تقدم كل منظمة للمجموعة زاوية مختلفة ومجموعة فريدة من نقاط القوة، لكنها جميعا تركز على تعزيز العدالة في مواجهة انتهاكات حقوق الانسان الواسعة النطاق التي ترتكب ضد السوريين.
- تنزيل ملف بي دي اف badael.org